تحديث: 28 09 1444./نشر لأول مرة: 12.03.2022
الإسلام و التحولات الجذرية التي يشهدها النظام العالمي الجديد
منذ حوالي ثلاثين سنة ، وصل العالم إلى مرحلة الإستحقاق ، بعد انفراد الولايات م الأمريكية بزعامة العالم إثر انهيار المعسكر الشرقي 1990.
ثم سلسلة من الصدامات بين الغرب و العالم الإسلامي في العراق ثم ضد الحركات الإسلامية منذ 2001 المتشددة بزعمهم (مع أني ضد كل مظاهر العنف). إلى أن شهدت الأرض احداث غير مسبوقة خاصة منذ 2019، كوفيد 19 و التغير المناخي و التضخم الإقتصادي.
لتكشف بداية ضعف (الركود الناعم) و أفول شمس حضارة العم سام التي استمرت منذ خمسة قرون!. ثم العودة الآن إلى عالم متعدد الأقطاب.
إلى أين وصلت نتائج الصحوة الإسلامية:
قبل التفصيل في ذلك ، كثر التداول عبر قنوات التواصل الإجتماعي حول تأويل الأحاديث النبوية المتعلقة بأشراط الساعة و نهاية العالم، كحدخيث النبي صلى الله عليه و سلم حول فتنة الأحلاس و السراء ثم الدهيماء ،(و هو حديث صححه الحاكم و الذهبي و الألباني).
و لا أشك في صدقه و لكن تاويله على أننا في مرحلة الدهيماء الممهدة لعودة الخلافة الراشدة، فيه نظر حسب الواقع المعاش لأن الكثير من أفراد الأمة لم يصل إلى مؤهلات التصفية و التربية إلا القليل.
ثم ان اقتراب الساعة لن يحدث إلا بعد سلسلة من العلامات الكبرى الموضحة صراحة في الكتاب و السنة كظهور المهدي ..فلا يجوز لي و لا لغيري التكهن بتفاصيل الغيب الذي استأثر بعلمه و الله أعلم.
منذ نهاية السبعينيات و مع ظهور الجيل الثاني أو الثالث من المجددين و المصلحين في مختلف المجالات ، و أقصد المنهج الحر السلفي الوسطي و ليس الحركات و الجماعات المتشددة و الضيقة النظر،فإنه للأسف لم تصل الصحوة الإسلامية إلا إلى إجتهادات بعض المصلحين و العلماء ذات الطابع الشخصي هنا و هناك في المجالات الدعوية و العلمية ، في البلاد الإسلامية و في المهجر في الدول الغربية للأسف .
حيث تستفيد بلادهم الأصلية من خبرتهم أثناء زياراتهم لوطنهم أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي فقط،نظرا لتهميشهم في مجتمعاتهم. في ظل غياب لقيادة رشيدة في العالم الإسلامي(أقصدر مجلس شورى من العلماء و القادة المخلصين).
و هذا تحليل موضوعي حول واقع العالم الإسلامي:
واقع العالم الإسلامي العقائدي و الفكري:
أبدأ بأهم مجال و أخطره و هو العقيدة، لقد طال الأمد على الأمة الإسلامية منذ أن تركها رسول الله عليه السلام على عقيدة التوحيد الصافية و على المحجة البيضاء.
فرغم انتشار وسائل التعلم التقليدية و الرقمية ،صار إسلام أكثر المجتمع وراثي محل شك (إلا القليل من المصلحين و العقلاء)، لافتقاره للعلم و البحث عن الأدلة الشرعية و الكونية المفيدة لليقين كما كان السلف الصالح رضي الله عنهم. و مع انتشار الشبهات المشككة في الدين في زمن الدهيماء، و الفضاء الأزرق الإعلامي .
و ظاهرة التطرف و الفرق الضالة المتخلفة عن ركب العلم. أسأل الله السلامة و العافية.
الواقع الإقتصادي و السلطة الخفية للعالم!
إن الإقتصاد هو شريان الحياة ، و هو وسيلة ضغط للدول الكبرى على الدول الضعيفة عبر المديونية و هيمنة الشركات المتعددة الجنسيات ذات الأبعاد السياسية الخفية، على غرار Blackrock(الصخرة السوداء) التي بلغ رأس مالها (المصرح به) اكثر من 10 ترليون دولار! ، و Vangard المؤسستين الماليتين في اعلى هرم الإقتصاد العالمي ، و التي تسيطر على إكبر اسهم البنوك الربوية العالمية! و معظم اسهم كبرى شركات الغذاء و التكنولوجيا في العالم. و هذا يغذي رأي المؤامرة و حكومة الظل و لكني لست من المعتقدين لفكرة المؤامرة فالله فقط هو الذي يسير الكون، إلا أن مثل هذه الشركات بهذا الحجم الضخم أكيد لها نفوذ على قرارات الساسة و الحكام في العالم و لكن لا أظن أن يصل هذا النفوذ إلى التحكم التام.
ولكن هيمنة هذه المؤسسات إلى متى؟!.فقد بدأت بوادر انهيار العولمة بمفهومها السلبي تظهر!.
أما العالم الإسلامي ، فقد حباه الله بثروات طبيعية و منجمية و بشرية (أكثر المجتمع من الشباب) قلما تتوفر في الأمم الأخرى. و لكن رغم تطور و تحسن ميزانيات بعض الدول الإسلامية على غرار دول الخليج و الدول النفطية كالجزائر.
لكن للأسف ذلك لم ينعكس على مستوى معيشة السكان، كما أن أغنى اقتصاداتها في دول الخليج العربي يفتقر إلى النظرة الإستراتيجية رغم توفر الأموال (ترليونات الدولارات)، فهي موجهة إلى مشاريع ثانوية ، كالندوات و المهراجانات التافهة أو تجارة المواد الخام، أو الإسراف في الإنفاق العسكري بدل الإهتمام بمراكز البحث العلمية الهادفة و الأمن الغذائي،إلا في بعض الدول الأسيوية كماليزيا و تركيا و قطر.
فبلغة الأرقام فقد بلغ الناتج الإجمالي للدول العربية 2.697 ترليون دولار! عام 2019.و متوسط دليل التنمية البشرية 0.699 في العالم العربي عام 2017، و 0.804 في ماليزيا (حسب مركز الإنماء للأمم المتحدة و صندوق النقد العربي، و ص ن الدولي).
ترليون دولار : يعني ألف مليار دولار.
تحليل الوضع الجيوسياسي و الإقتصادي العالمي
التحليل من الزاوية الإسلامية
لقد وضحت بالتفصيل(راجع مقال واقع الأمة الإسلامية المعاصر) النصوص الشرعية الصحيحة المبشرة بميلاد العالمية الثانية للإسلام ، و المنذرة من فتن آخر الزمان، خاصة للدول الكبرى المصرة على تكذيب القرآن و السنة، و الماضية في سياسة الظلم و الهيمنة على ثروات العالم بالقوة أو بالوكالة عن طريق أتباعها المنافقين في الدول الإسلامية.
و أستثني بعض الفئات في الشعوب الغربية المتعاطفة مع الحق و القضايا العادلة كقضية فلسطين و غيرها، و كذلك بعض علماء الغرب الذين استيقنوا بعلمهم بوجود الخالق الله عز و جل ، و منهم من أسلم صراحة.
والآن دخلنا إلى مرحلة الإستحقاق:
و هذا مصطلح يقصد به علماء الدين سنة الإنذار و التحذير قبل الهلاك النهائي، كما حدث مع الأقوام السابقة و أبرزها قوم موسى عليه السلام مع فرعون، فمن رحمة الله أنه لم يغرق فرعون إلا بعد آيات الإنذار المذكورة في القرآن الكريم: الجراد و القمل و الطوفان...
و نفس هذه السنن تتكرر عبر التاريخ ،و في عصرنا الحالي و إن اختلفت في الشكل و التفاصيل.
الخاتمة
لا مخرج للعالم من أزماته الصحية و الإقتصادية، و الأخلاقية إلا بالإعتراف بالإسلام و تحكيم شرعه في الأرض، و بالأسلوب الوسطي المنفتح على إيجابيات العلوم و الحضارات الأخرى ، و ليس فهم الجماعات المتعصبة الضيق.
هناك نوعية من الناس لا يتعظ إلا في اللحظات الأخيرة.
و مادام عقلاء الغرب لم يفهموا هذه الحقيقة ، فارتقب المزيد من الأزمات و الكوارث في هذا العالم. و هذا الكلام ليس من تصوري الشخصي و لكن دلت عليه النصوص الشرعية الصريحة و أثبتته الأحداث التاريخية.
أسأل الله العفو و العافية للمسلمين خاصة و للعالم عامة.
و السلام على أشرف المرسلين.
مع تحيات الناشر.
إرسال تعليق
لديك تعليق ارسله هنا: