U3F1ZWV6ZTIyNzM3NTk1MDI1MDYwX0ZyZWUxNDM0NDg0MTA4MTEyNQ==

ما سر انهيار سد مأرب و ما سبب خراب مملكة سبأ؟

 قوم سبأ و نعم الله


سد مأرب بمملكة سبأ (اليمن)



مقدمة (خلفية جغرافية و تاريخية عن مملكة سبأ)

بدأ ظهور حضارة سبأ جنوب اليمن بمدينة مأرب منذ القرن الحادي عشر قبل الميلاد، و كانت مملكة قوية في زمن سليمان عليه السلام، نجد ذلك واضح جليا في قصة نبي الله سليمان (بني اسرائيل) و بلقيس ملكة سبأ العاقلة التي أسلمت في النهاية لحكم و دين سليمان صلى الله عليه و سلم (رسالة الهدهد ثم معجزة العرش المذكورة في القرآن الكريم..).
ثم بعد ذلك بأزيد من ألف سنة أخذ الضعف ينخر هذه المملكة إلى غاية عام 527 م، تاريخ انهيار سد مأرب الشهير الذي نتج عنه الهجرات الكبرى لعرب سبأ نحو الشمال. فلماذا حدث ذلك؟

شكر نعم الله

قال الله تعالى في سورة سبأ:
لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ ۖ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ ۖ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ ۚ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (15) فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ (16ذَٰلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا ۖ وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ (17وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ ۖ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ (18فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ(19).
شاهد الفيديو حول القصة



كما جاء في أشهر التفاسير لهذه القصة من سورة سبأ في القرآن الكريم، كتفسير الطبري و ابن كثير عن السلف الصالح: أن قوم سبأ أنعم الله عليهم بجنتين عظيمتين عن اليمين و الشمال ، وافرتي الزروع و الثمار بلا مشقة و لا تعب، حتى أن المرأة لتمر على بساتينها و أشجارها و السلة على ظهرها فلا تغدوا و تعود إلا و السلة مملوءة  بالثمار و الغلات، 
و فوق ذلك السلامة من كل الجوائح و الأمراض و الحشرات، حتى أن البعوض لا يلج إلى هذه البساتين إلا و يقع ميتا من جودة المناخ و طيب الهواء.
و ليس هذا فحسب بل سهل الله لقوم سبأ الأسفار و قارب لهم المسافات كما هو ظاهر في الآيات أعلاه، فلا يجدوا أي مشقة في السفر و شد الرحال حيث جعل بين المسافات قرى ظاهرة يستريحوا فيها أثناء تنقلهم إلى صنعاء أو الشام و نحوه.

انهيار سد مأرب

و ظل الحال هكذا لزمن ثم أرسل الله لهم رسالته يذكرهم بوجوب شكر نعمه و حق الله عليهم تجاه هذه النعم الوافرة و ذلك عبر رسوله الكريم عليه السلام.
و بدل أن يشكروا الله على نعمه لكن المفاجئة جاءت على النقيض ، و الغريب أن سفهاء سبأ سئموا  من هذه النعم و طلبوا المشقة و أن يباعد الله لهم في أسفارهم!.
و هنا تتجلى سنن الله الثابتة في إهلاك المتمردين عن شكره و عبادته، و حق عليهم عذاب الله، فاستجاب الله لما أرادوا و باعد بين أسفارهم و شتتهم في البلدان و الصحاري و جعلهم أحاديث يتسامر بها الناس من بعدهم كما هو ظاهر في السورة، أما الجنتان فقد تحولتا إلى صحاري السدر القليل و الشوك بعد فيضان سيل العرم و خراب سد مأرب ( يقال عام 527 م و الله أعلم) و كان ذاك بسبب الجرذ (الفئران) كما ورد في التفسير، الذي خرب عمران و زروع أرض سبأ.
و بعدها ظهرت الهجرات التاريخية للعرب القحطانيين(العرب العاربة)، من اليمن إلى أقطار الجزيرة العربية و شمالها و حتى الشام و العراق.

الخاتمة:

المفيد هو ما نستخلصه من هذه القصة الحكيمة، هو الحذر و لزوم شكر الله في كل الأحوال فما أصاب مملكة سبأ سيصيب كل من يعرض عن شكر الله من بعدهم سواء أفراد أو أقوام، كما نرى الآن الكثير من الجهال و طلاب الدنيا يبطر بفرحه عند حدوث نعم دنيوية كالمال و نحوه فينسيه فرحه أداء الزكاة و يتكبر عن الفقراء و عباد الله و يظن أن الله فضله عليهم بمتاع دنياه الزائل، و رسول الله عليه السلام يقول(بمعنى): لا حسد إلا في اثنتين: رجل أتاه الله قرآنا أو علما فهو يقوم به آناء الليل و أطراف النهار، و رجل أتاه الله مالا فتصدق به. حديث صحيح.
أسأل الله أن يعيننا على شكره و ذكره و حسن عبادته.
مع تحياتي الخالصة.

تعديل المشاركة
author-img

آفاق 21

مولود بدولة الجزائر ،مهندس تطبيقي في الاتصالات السلكية و اللاسلكية. الجزائر.
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

لديك تعليق ارسله هنا:

الاسمبريد إلكترونيرسالة